الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **
*3* الشرح: قوله (باب من جعل عتق الأمة صداقها) كذا أورده غير جازم بالحكم، وقد أخذ بظاهره من القدماء سعيد بن المسيب وإبراهيم وطاوس والزهري، ومن فقهاء الأمصار الثوري وأبو يوسف وأحمد وإسحاق، قالوا إذا أعتق أمته على أن يجعل عتقها صداقها صح العقد والعتق والمهر على ظاهر الحديث. وأجاب الباقون عن ظاهر الحديث بأجوبة أقربها أي لفظ الحديث أنه أعتقها بشرط أن يتزوجها فوجبت له عليها قيمتها وكانت معلومة فتزوجها بها. ويؤيده قوله في رواية عبد العزيز بن صهيب " سمعت أنسا قال: سبى النبي صلى الله عليه وسلم صفية فأعتقها وتزوجها. فقال ثابت لأنس: ما أصدقها قال نفسها، فأعتقها " هكذا أخرجه المصنف في المغازي. وفي رواية حماد عن ثابت وعبد العزيز عن أنس في حديث " قال وصارت صفية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تزوجها وجعل عتقها صداقها، فقال عبد العزيز لثابت: يا أبا محمد، أنت سألت أنسا ما أمهرها؟ قال: أمهرها نفسها. فتبسم. فهو ظاهر جدا في أن المجهول مهرا هو نفس العتق، فالتأويل الأول لا بأس به، فإنه لا منافاة بينه وبين القواعد حتى لو كانت القيمة مجهولة، فإن في صحة العقد بالشرط المذكور وجها عند الشافعية. وقال آخرون: بل جعل نفس العتق المهر، ولكنه من خصائصه وممن جزم بذلك الماوردي. وقال آخرون: قوله " أعتقها وتزوجها، معناه أعتقها ثم تزوجها، فلما لم يعلم أنه ساق لها صداقا قال أصدقها نفسها، أي لم يصدقها شيئا فيما أعلم، ولم ينف أصل الصداق، ومن ثم قال أبو الطيب الطبري من الشافعية وابن المرابط من المالكية ومن تبغهما: أنه قول أنس، قاله ظنا من قبل نفسه ولم يرفعه. وربما تأيد ذلك عندهم بما أخرجه البيهقي من حديث أميمة - ويقال أمة الله - بنت رزينة عن أمها " أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وخطبها وتزوجها وأمهرها رزينة، وكان أتى بها مسبية من قريظة والنضير " وهذا لا يقوم به حجة لضعف إسناده، ويعارضه ما أخرجه الطبراني وأبو الشيخ من حديث صفية نفسها قالت " أعتقني النبي صلى الله عليه وسلم وحصل عتقي صداقي " وهذا موافق لحديث أنس، وفيه رد على من قال إن أنسا قال ذلك بناء على ما ظنه. وقد خالف هذا الحديث أيضا ما عليه كافة أهل السير أن صفية من سبى خيبر. ويحتمل أن يكون أعتقها بشرط أن ينكحها بغير مهر فلزمها الوفاء بذلك، وهذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم غيره. وقيل يحتمل أنه أعتقها بغير عوض وتزوجها بغير مهر في الحال ولا في المال، قال ابن الصلاح: معناه أن العتق يحل محل الصداق وإن لم يكن صداقا، قال: وهذا كقولهم " الجوع زاد من لا زاد له " قال وهذا الوجه أصح الأوجه وأقربها إلى لفظ الحديث، وتبعه النووي في " الروضة". ومن المستغربات قول الترمذي بعد أن أخرج الحديث: وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، قال: وكره بعض أهل العلم أن يجعل عتقها صداقها حتى يجعل لها مهرا سوى العتق، والقول الأول أصح. وكذا نقل ابن حزم عن الشافعي. والمعروف عند الشافعية أن ذلك لا يصح، لكن لعل مراد من نقله عنه صورة الاحتمال الأول، ولا سيما نص الشافعي على أن من أعتق أمته على أن يتزوجها فقبلت عتقت ولم يلزمها أن تتزوج به، لكن يلزمها له قيمتها، لأنه لم يرض بعتقها مجانا فصار كسائر الشروط الفاسدة، فإن رضيت وتزوجته على مهر يتفقان عليه كان لها ذلك المسمى وعليها له قيمتها. فإن اتحدا تقاصا. وممن قال بقول أحمد من الشافعية ابن حبان صرح بذلك في صحيحه، قال ابن دقيق العيد: الظاهر مع أحمد ومن وافقه، والقياس مع الآخرين؛ فيتردد الحال بين ظن نشأ عن قياس وبين ظن نشأ عن ظاهر الخبر مع ما تحتمله الواقعة من الخصوصية، وهي وإن كانت على خلاف الأصل لكن يتقوى ذلك بكثرة خصائص النبي صلى الله عليه وسلم في النكاح، وخصوصا خصوصيته بتزويج الواهبة من قوله تعالى وممن جزم بأن ذلك كان من الخصائص يحيى بن أكثم فيما أخرجه البيهقي قال: وكذا نقله المزني عن الشافعي. قال: وموضع الخصوصية أنه أعتقها مطلقا وتزوجها بغير مهر ولا ولي ولا شهود، وهذا بخلاف غيره. وقد أخرج عبد الرزاق جواز ذلك عن علي وجماعة من التابعين. ومن طريق إبراهيم النخعي قال: كانوا يكرهون أن يعتق أمته ثم يتزوجها، ولا يرون بأسا أن يجعل عتقها صداقها. وقال القرطبي: منع من ذلك مالك وأبو حنيفة لاستحالته، وتقرر استحالته بوجهين: أحدهما أن عقدها على نفسها إما أن يقع قبل عتقها وهو محال لتناقض الحكمين الحرية والرق، فإن الحرية حكمها الاستقلال والرق ضده، وأما بعد العتق فلزوال حكم الجبر عنها بالعتق، فيجوز أن لا ترضي وحينئذ لا تنكح إلا برضاها. الوجه الثاني أنا إذا جعلنا العتق صداقا فإما أن يتقرر العتق حالة الرق وهو محال لتناقضهما، أو حالة الحرية فيلزم أسبقيته على العقد، فيلزم وجود العتق حالة فرض عدمه وهو محال، لأن الصداق لا بد أن يتقدم تقرره على الزوج إما نصا وإما حكما حتى تملك الزوجة طلبه. فإن اعتلوا بنكاح التفويض فقد تحرزنا عنه بقولنا حكما، فإنها وإن لم يتعين لها حالة العقد شيء لكنها تملك المطالبة فثبت أنه يثبت لها حالة العقد شيء تطالب به الزوج، ولا يتأتى مثل ذلك في العتق فاستحال أن يكون صداقا. وتعقب ما ادعاه من الاستحالة بجواز تعليق الصداق على شرط إذا وجد استحقته المرأة كأن يقول تزوجتك على ما سيستحق لي عند فلان وهو كذا، فإذا حل المال الذي وقع العقد عليه استحقته. وقد أخرج الطحاوي من طريق نافع عن ابن عمر في قصة جويرية بنت الحارث " أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل عتقها صداقها " وهو مما يتأيد به حديث أنس، لكن أخرج أبو داود من طريق عروة عن عائشة في قصة جويرية " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها لما جاءت تستعين به في كتابتها: هل لك أن أقضي عنك كتابتك وأتزوجك؟ قالت: قد فعلت " وقد استشكله ابن حزم بأنه يلزم منه إن كان أدى عنها كتابتها أن يصير ولاؤها لمكاتبها. وأجيب بأنه ليس في الحديث التصريح بذلك، لأن معنى قولها " قد فعلت " رضيت، فيحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم عوض ثابت بن قيس عنها فصارت له فأعتقها وتزوجها كما صنع في قصة صفية، أو يكون ثابت لما بلغته رغبة النبي صلى الله عليه وسلم وهبها له، وفي الحديث: للسيد تزويج أمته إذا أعتقها من نفسه ولا يحتاج إلى ولي ولا حاكم. وفيه اختلاف يأتي في " باب إذا كان الولي هو الخاطب " بعد نيف وعشرين بابا. قال ابن الجوزي: فإن قيل ثواب العتق عظيم، فكيف فوته حيث جعله مهرا؟ وكان يمكن جعل المهر غيره، فالجواب أن صفية بنت ملك، ومثلها لا يقنع إلا بالمهر الكثير، ولم يكن عنده صلى الله عليه وسلم إذ ذاك ما يرضيها به، ولم ير أن يقتصر، فجعل صداقها نفسها، وذلك عندها أشرف من المال الكثير الحديث: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ وَشُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا الشرح: قوله (باب من جعل عتق الأمة صداقها) كذا أورده غير جازم بالحكم، وقد أخذ بظاهره من القدماء سعيد بن المسيب وإبراهيم وطاوس والزهري، ومن فقهاء الأمصار الثوري وأبو يوسف وأحمد وإسحاق، قالوا إذا أعتق أمته على أن يجعل عتقها صداقها صح العقد والعتق والمهر على ظاهر الحديث. وأجاب الباقون عن ظاهر الحديث بأجوبة أقربها أي لفظ الحديث أنه أعتقها بشرط أن يتزوجها فوجبت له عليها قيمتها وكانت معلومة فتزوجها بها. ويؤيده قوله في رواية عبد العزيز بن صهيب " سمعت أنسا قال: سبى النبي صلى الله عليه وسلم صفية فأعتقها وتزوجها. فقال ثابت لأنس: ما أصدقها قال نفسها، فأعتقها " هكذا أخرجه المصنف في المغازي. وفي رواية حماد عن ثابت وعبد العزيز عن أنس في حديث " قال وصارت صفية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تزوجها وجعل عتقها صداقها، فقال عبد العزيز لثابت: يا أبا محمد، أنت سألت أنسا ما أمهرها؟ قال: أمهرها نفسها. فتبسم. فهو ظاهر جدا في أن المجهول مهرا هو نفس العتق، فالتأويل الأول لا بأس به، فإنه لا منافاة بينه وبين القواعد حتى لو كانت القيمة مجهولة، فإن في صحة العقد بالشرط المذكور وجها عند الشافعية. وقال آخرون: بل جعل نفس العتق المهر، ولكنه من خصائصه وممن جزم بذلك الماوردي. وقال آخرون: قوله " أعتقها وتزوجها، معناه أعتقها ثم تزوجها، فلما لم يعلم أنه ساق لها صداقا قال أصدقها نفسها، أي لم يصدقها شيئا فيما أعلم، ولم ينف أصل الصداق، ومن ثم قال أبو الطيب الطبري من الشافعية وابن المرابط من المالكية ومن تبغهما: أنه قول أنس، قاله ظنا من قبل نفسه ولم يرفعه. وربما تأيد ذلك عندهم بما أخرجه البيهقي من حديث أميمة - ويقال أمة الله - بنت رزينة عن أمها " أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وخطبها وتزوجها وأمهرها رزينة، وكان أتى بها مسبية من قريظة والنضير " وهذا لا يقوم به حجة لضعف إسناده، ويعارضه ما أخرجه الطبراني وأبو الشيخ من حديث صفية نفسها قالت " أعتقني النبي صلى الله عليه وسلم وحصل عتقي صداقي " وهذا موافق لحديث أنس، وفيه رد على من قال إن أنسا قال ذلك بناء على ما ظنه. وقد خالف هذا الحديث أيضا ما عليه كافة أهل السير أن صفية من سبى خيبر. ويحتمل أن يكون أعتقها بشرط أن ينكحها بغير مهر فلزمها الوفاء بذلك، وهذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم غيره. وقيل يحتمل أنه أعتقها بغير عوض وتزوجها بغير مهر في الحال ولا في المال، قال ابن الصلاح: معناه أن العتق يحل محل الصداق وإن لم يكن صداقا، قال: وهذا كقولهم " الجوع زاد من لا زاد له " قال وهذا الوجه أصح الأوجه وأقربها إلى لفظ الحديث، وتبعه النووي في " الروضة". ومن المستغربات قول الترمذي بعد أن أخرج الحديث: وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، قال: وكره بعض أهل العلم أن يجعل عتقها صداقها حتى يجعل لها مهرا سوى العتق، والقول الأول أصح. وكذا نقل ابن حزم عن الشافعي. والمعروف عند الشافعية أن ذلك لا يصح، لكن لعل مراد من نقله عنه صورة الاحتمال الأول، ولا سيما نص الشافعي على أن من أعتق أمته على أن يتزوجها فقبلت عتقت ولم يلزمها أن تتزوج به، لكن يلزمها له قيمتها، لأنه لم يرض بعتقها مجانا فصار كسائر الشروط الفاسدة، فإن رضيت وتزوجته على مهر يتفقان عليه كان لها ذلك المسمى وعليها له قيمتها. فإن اتحدا تقاصا. وممن قال بقول أحمد من الشافعية ابن حبان صرح بذلك في صحيحه، قال ابن دقيق العيد: الظاهر مع أحمد ومن وافقه، والقياس مع الآخرين؛ فيتردد الحال بين ظن نشأ عن قياس وبين ظن نشأ عن ظاهر الخبر مع ما تحتمله الواقعة من الخصوصية، وهي وإن كانت على خلاف الأصل لكن يتقوى ذلك بكثرة خصائص النبي صلى الله عليه وسلم في النكاح، وخصوصا خصوصيته بتزويج الواهبة من قوله تعالى وممن جزم بأن ذلك كان من الخصائص يحيى بن أكثم فيما أخرجه البيهقي قال: وكذا نقله المزني عن الشافعي. قال: وموضع الخصوصية أنه أعتقها مطلقا وتزوجها بغير مهر ولا ولي ولا شهود، وهذا بخلاف غيره. وقد أخرج عبد الرزاق جواز ذلك عن علي وجماعة من التابعين. ومن طريق إبراهيم النخعي قال: كانوا يكرهون أن يعتق أمته ثم يتزوجها، ولا يرون بأسا أن يجعل عتقها صداقها. وقال القرطبي: منع من ذلك مالك وأبو حنيفة لاستحالته، وتقرر استحالته بوجهين: أحدهما أن عقدها على نفسها إما أن يقع قبل عتقها وهو محال لتناقض الحكمين الحرية والرق، فإن الحرية حكمها الاستقلال والرق ضده، وأما بعد العتق فلزوال حكم الجبر عنها بالعتق، فيجوز أن لا ترضي وحينئذ لا تنكح إلا برضاها. الوجه الثاني أنا إذا جعلنا العتق صداقا فإما أن يتقرر العتق حالة الرق وهو محال لتناقضهما، أو حالة الحرية فيلزم أسبقيته على العقد، فيلزم وجود العتق حالة فرض عدمه وهو محال، لأن الصداق لا بد أن يتقدم تقرره على الزوج إما نصا وإما حكما حتى تملك الزوجة طلبه. فإن اعتلوا بنكاح التفويض فقد تحرزنا عنه بقولنا حكما، فإنها وإن لم يتعين لها حالة العقد شيء لكنها تملك المطالبة فثبت أنه يثبت لها حالة العقد شيء تطالب به الزوج، ولا يتأتى مثل ذلك في العتق فاستحال أن يكون صداقا. وتعقب ما ادعاه من الاستحالة بجواز تعليق الصداق على شرط إذا وجد استحقته المرأة كأن يقول تزوجتك على ما سيستحق لي عند فلان وهو كذا، فإذا حل المال الذي وقع العقد عليه استحقته. وقد أخرج الطحاوي من طريق نافع عن ابن عمر في قصة جويرية بنت الحارث " أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل عتقها صداقها " وهو مما يتأيد به حديث أنس، لكن أخرج أبو داود من طريق عروة عن عائشة في قصة جويرية " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها لما جاءت تستعين به في كتابتها: هل لك أن أقضي عنك كتابتك وأتزوجك؟ قالت: قد فعلت " وقد استشكله ابن حزم بأنه يلزم منه إن كان أدى عنها كتابتها أن يصير ولاؤها لمكاتبها. وأجيب بأنه ليس في الحديث التصريح بذلك، لأن معنى قولها " قد فعلت " رضيت، فيحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم عوض ثابت بن قيس عنها فصارت له فأعتقها وتزوجها كما صنع في قصة صفية، أو يكون ثابت لما بلغته رغبة النبي صلى الله عليه وسلم وهبها له، وفي الحديث: للسيد تزويج أمته إذا أعتقها من نفسه ولا يحتاج إلى ولي ولا حاكم. وفيه اختلاف يأتي في " باب إذا كان الولي هو الخاطب " بعد نيف وعشرين بابا. قال ابن الجوزي: فإن قيل ثواب العتق عظيم، فكيف فوته حيث جعله مهرا؟ وكان يمكن جعل المهر غيره، فالجواب أن صفية بنت ملك، ومثلها لا يقنع إلا بالمهر الكثير، ولم يكن عنده صلى الله عليه وسلم إذ ذاك ما يرضيها به، ولم ير أن يقتصر، فجعل صداقها نفسها، وذلك عندها أشرف من المال الكثير لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الشرح: قوله (باب تزويج المعسر) تقدم في أوائل كتاب النكاح " باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام، وهذه الترجمة أخص من تلك، وعلق هناك حديث سهل الذي أورده في هذا الباب مبسوطا، وسيأتي شرحه بعد ثلاثين بابا. قوله (لقوله تعالى الحديث: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ أَهَبُ لَكَ نَفْسِي قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ ثُمَّ طَأْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ فَلَمَّا رَأَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا فَقَالَ وَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي قَالَ سَهْلٌ مَا لَهُ رِدَاءٌ فَلَهَا نِصْفُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلِسُهُ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَلِّيًا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ مَاذَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ قَالَ مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا عَدَّدَهَا فَقَالَ تَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ الشرح: قوله (باب تزويج المعسر) تقدم في أوائل كتاب النكاح " باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام، وهذه الترجمة أخص من تلك، وعلق هناك حديث سهل الذي أورده في هذا الباب مبسوطا، وسيأتي شرحه بعد ثلاثين بابا. قوله (لقوله تعالى *3* وَقَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا الشرح: قوله (باب الأكفاء في الدين) جمع كفء بضم أوله وسكون الفاء بعدها همزة: المثل والنظير. واعتبار الكفاءة في الدين متفق عليه، فلا تحل المسلمة لكافر أصلا. قوله (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا الآية) قال الفراء النسب من لا يحل نكاحه، والصهر من يحل نكاحه. فكأن المصنف لما رأى الحصر وقع بالقسمين صلح التمسك بالعموم لوجود الصلاحية إلا ما دل الدليل على اعتباره وهو استثناء الكافر، وقد جزم بأن اعتبار الكفاءة مختص بالدين مالك، ونقل عن ابن عمر وابن مسعود، ومن التابعين عن محمد بن سيرين وعمر بن عبد العزيز. واعتبر الكفاءة في النسب الجمهور. وقال أبو حنيفة: قريش أكفاء بعضهم بعضا، والعرب كذلك، وليس أحد من العرب كفأ لقريش كما ليس أحد من غير العرب كفأ للعرب، وهو وجه للشافعية والصحيح تقديم بني هاشم والمطلب على غيرهم، ومن عدا هؤلاء أكفاء بعضهم لبعض وقال الثوري: إذا نكح المولى العربية بفسخ النكاح، وبه قال أحمد في رواية. وتوسط الشافعي فقال: ليس نكاح غير الأكفاء حراما فأرد به النكاح، وإنما هو تقصير بالمرأة والأولياء، فإذا رضوا صح ويكون حقا لهم تركوه، فلو رضوا إلا واحدا فله فسخه. وذكر أن المعنى في اشتراط الولاية في النكاح كيلا تضيع المرأة نفسها في غير كفء انتهى. ولم يثبت في اعتبار الكفاءة بالنسب حديث، وأما ما أخرجه البزار من حديث معاذ رفعه " العرب بعضهم أكفاء بعض، والموالي بعضهم أكفاء بعض " فإسناده ضعيف. واحتج البيهقي بحديث واثلة مرفوعا " إن الله اصطفى بني كنانة من بني إسماعيل " الحديث وهو صحيح أخرجه مسلم، لكن في الاحتجاج به لذلك نظر، لكن ضم بعضهم إليه حديث " قدموا قريشا ولا تقدموها " ونقل ابن المنذر عن البويطي أن الشافعي قال: الكفاءة في الدين، وهو كذلك في " مختصر البويطي " قال الرافعي: وهو خلاف مشهور. ونقل الأبزي عن الربيع أن رجلا سأل الشافعي عنه فقال: أنا عربي لا تسألني عن هذا. ثم ذكر المصنف في الباب أربعة أحاديث. الحديث: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَنَّى سَالِمًا وَأَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَهُوَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ كَمَا تَبَنَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إِلَيْهِ وَوَرِثَ مِنْ مِيرَاثِهِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ إِلَى قَوْلِهِ وَمَوَالِيكُمْ فَرُدُّوا إِلَى آبَائِهِمْ فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ كَانَ مَوْلًى وَأَخًا فِي الدِّينِ فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ ثُمَّ العَامِرِيِّ وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ مَا قَدْ عَلِمْتَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الشرح: حديث عائشة. قوله (أن أبا حذيفة) اسمه مهشم على المشهور وقيل هشام وقيل غير ذلك وهو خال معاوية بن أبي سفيان قوله (تبنى) بفتح المثناة والموحدة وتشديد النون بعدها ألف أي اتخذه ولدا، وسالم هو ابن معقل مولى أبي حذيفة، ولم يكن مولاه وإنما كان يلازمه، بل كان من حلفائه كما وقع في رواية لمسلم، وكان استشهاد أبي حذيفة وسالم جميعا يوم اليمامة في خلافة أبي بكر. قوله (وأنكحه) أي زوجه (هندا) كذا في هذه الرواية، ووقع عند مالك " فاطمة " فلعل لها اسمين، والوليد ابن عتبة أحد من قتل ببدر كافرا، وقوله "بنت أخيه " بفتح الهمزة وكسر المعجمة ثم تحتانية هو الصحيح، وحكى ابن التين أن في بعض الروايات بضم الهمزة وسكون الخاء ثم مثناة وهو غلط. قوله (وهو مولى امرأة من الأنصار) تقدم بيان اسمها في غزوة بدر. قوله (كما تبنى النبي صلى الله عليه وسلم زيدا) أي ابن حارثة، وقد تقدم خبره بذلك في تفسير سورة الأحزاب. قوله (فمن لم يعلم له أب) بضم أول يعلم وفتح اللام على البناء للمجهول. قوله (كان مولى وأخا في الدين) لعل في هذا إشارة إلى قولهم " مولى أبي حذيفة " وإن سالما لما نزلت (ادعوهم لآبائهم) كان ممن لا يعلم له أب فقيل له مولى أبي حذيفة. قوله (إنا كنا نرى) بفتح النون أي نعتقد. قوله (سالما ولدا) زاد البرقاني من طريق أبي اليمان شيخ البخاري فيه وأبو داود من رواية يونس عن الزهري " فكان يأوي معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد فيراني فضلا " وفضلا بضم الفاء والمعجمة أي متبذلة في ثياب المهنة، يقال تفضلت المرأة إذا فعلت ذلك، هذا قول الخطابي وتبعه ابن الأثير وزاد " وكانت في ثوب واحد " وقال ابن عبد البر: قال الخليل رجل فضل متوشح في ثوب واحد يخالف بين طرفيه، قال: فعلى هذا فمعنى الحديث أنه كان يدخل عليها وهي منكشف بعضها. وعن ابن وهب: فضل مكشوفة الرأس والصدر، وقيل الفضل الذي عليه ثوب واحد ولا إزار تحته. وقال صاحب الصحاح: تفضلت المرأة في بيتها إذا كانت في ثوب واحد كقميص لا كمين له. قوله (وقد أنزل الله فيه ما قد علمت) أي الآية التي ساقها قبل وهي (ادعوهم لآبائهم) وقوله قوله (فذكر الحديث) ساق بقيته البرقاني وأبو داود " فكيف ترى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضعيه، فأرضعته خمس رضعات فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة " فبذلك كانت عائشة تأمر بنات إخوتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيرا خمس رضعات ثم يدخل عليها، وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحدا من الناس حتى يرضع في المهد، وقلن لعائشة: والله ما ندري لعلها رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم دون الناس. ووقع عند الإسماعيلي من طريق فياض بن زهير عن أبي اليمان فيه مع عروة أبو عائذ الله بن ربيعة ومع عائشة أم سلمة وقال في آخره: لم يذكرهما البخاري في إسناده. قلت: وقد أخرجه النسائي عن عمران بن بكار عن أبي اليمان مختصرا كرواية البخاري وأخرجه البخاري في غزوة بدر من طريق عقيل عن الزهري كذلك واختصر المتن أيضا. وأخرجه النسائي من طريق يحيى بن سعيد عن الزهري فقال: عن عروة وابن عبد الله بن أبي ربيعة كلاهما عن عائشة وأم سلمة. وأخرجه أبو داود من طريق يونس كما ترى. وأخرجه عبد الرزاق عن معمر، والنسائي من طريق جعفر بن ربيعة، والذهلي من طريق ابن أخي الزهري كلهم عن الزهري كما قال عقيل. وكذا أخرجه مالك وابن إسحاق عن الزهري، لكنه عند أكثر الرواة عن مالك مرسل. وخالف الجميع عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن الزهري فقال: عن عروة وعمرة كلاهما عن عائشة أخرجه الطبراني. قال الذهلي في " الزهريات " هذه الروايات كلها عندنا محفوظة إلا رواية ابن مسافر فإنها غير محفوظة، أي ذكر عمرة في إسناده، قال: والرجل المذكور مع عروة لا أعرفه إلا أنني أتوهم أنه إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة، فإن أمه أم كلثوم بنت أبي بكر، فهو ابن أخت عائشة، كما أن عروة ابن أختها، وقد روى عنه الزهري حديثين غير هذا قال: وهو برواية يحيى بن سعيد أشبه حيث قال ابن عبد الله بن أبي ربيعة فنسبه لجده، وأما قول شعيب أبو عائذ الله فهو مجهول. قلت: لعلها كنية إبراهيم المذكور، وقد نقل المزي في " التهذيب " قول الذهلي هذا وأقره، وخالف في " الأطراف " فقال: أظنه الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، يعني عم إبراهيم المذكور. والذي أظن أن قول الذهلي أشبه بالصواب. ثم ظهر لي أنه أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة، فإن هذا الحديث بعينه عند مسلم من طريقه من وجه آخر، فهذا هو المعتمد، وكأن ما عداه تصحيف والله أعلم. وقد أخرج مسلم هذا الحديث من طريق القاسم بن محمد عن عائشة، ومن طريق زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة، فله أصل من حديثهما، ففي رواية للقاسم عنده " جاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو فقالت: يا رسول الله إن في وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو حليفه، فقال: أرضعيه. فقالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد علمت أنه رجل كبير " وفي لفظ فقالت " إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال، وأنه يدخل علينا، وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة شيئا من ذلك، فقال أرضعيه تحرمي عليه. فرجعت إليه فقالت: إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة " وفي بعض طرق حديث زينب " قالت أم سلمة لعائشة: إنه يدخل عليك الغلام الذي ما أحب أن يدخل علي، فقالت: أما لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة، إن امرأة أبي حذيفة " فذكرت الحديث مختصرا. وفي رواية " الغلام الذي قد استغنى عن الرضاعة " وفيها " فقال: أرضعيه. قالت: إنه ذو لحية. فقال: أرضعيه يذهب ما في وجه أبي حذيفة. قالت فوالله ما عرفته في وجه أبي حذيفة " وفي لفظ عن أم سلمة " أبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن أحدا بتلك الرضاعة، وقلن لعائشة: والله ما نرى هذا إلا رخصة لسالم، فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رأيتنا". قلت: وهذا العموم مخصوص بغير حفصة كما سيأتي في أبواب الرضاع، ونذكر هناك حكم هذه المسألة أعني إرضاع الكبير إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ قَالَتْ وَاللَّهِ لَا أَجِدُنِي إِلَّا وَجِعَةً فَقَالَ لَهَا حُجِّي وَاشْتَرِطِي وَقُولِي اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي وَكَانَتْ تَحْتَ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ الشرح: حديث عائشة في قصة ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب الهاشمية بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم في الاشتراط في الحج وقد تقدم البحث فيه في أبواب المحصر من كتاب الحج وقوله في هذا الحديث " ما أجدني " أي ما أجد نفسي واتحاد الفاعل والمفعول مع كونهما ضميرين لشيء واحد من خصائص أفعال القلوب. وفي الحديث جواز اليمين في درج الكلام بغير قصد. وفيه أن المرأة لا يجب عليها أن تستأمر زوجها في حج الفرض، كذا قيل، ولا يلزم من كونه لا يجوز له منعها أن يسقط عنها استئذانه. قوله في آخره (وكانت تحت المقداد بن الأسود) ظاهر سياقه أنه من كلام عائشة، ويحتمل أنه من كلام عروة، وهذا القدر هو المقصود من هذا الحديث في هذا الباب، فإن المقداد وهو ابن عمرو الكندي نسب إلى الأسود بن عبد يغوث الزهري لكونه تبناه، فكان من حلفاء قريش، وتزوج ضباعة وهي هاشمية، فلولا أن الكفاءة لا تعتبر بالنسب، لما جاز له أن يتزوجها لأنها فوقه في النسب. وللذي يعتبر الكفاءة في النسب أن يجب بأنها رضيت هي وأولياؤها فسقط حقهم من الكفاءة، وهو جواب صحيح إن ثبت أصل اعتبار الكفاءة في النسب. الحديث: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ الشرح: حديث أبي هريرة. قوله (تنكح المرأة لأربع) أي لأجل أربع. قوله (لمالها ولحسبها) بفتح المهملتين ثم موحدة أي شرفها، والحسب في الأصل الشرف بالآباء وبالأقارب، مأخوذ من الحساب، لأنهم كانوا إذا تفاخروا عدوا مناقبهم ومآثر آبائهم وقومهم وحسبوها فيحكم لمن زاد عدده على غيره. وقيل المراد بالحسب هنا الفعال الحسنة. وقيل المال وهو مردود لذكر المال قبله وذكره معطوفا عليه. وقد وقع في مرسل يحيى بن جعدة عند سعيد بن منصور " على دينها ومالها وعلى حسبها ونسبها " وذكر النسب على هذا تأكيد، ويؤخذ منه أن الشريف النسيب يستحب له أن يتزوج نسيبة إلا إن تعارض نسيبة غير دينة وغير نسيبة دينة فتقدم ذات الدين، وهكذا في كل الصفات. وأما قول بعض الشافعية يستحب أن لا تكون المرأة ذات قرابة قريبة فإن كان مستندا إلى الخبر فلا أصل له أو إلى التجربة وهو أن الغالب أن الولد بين القريبين يكون أحمق فهو متجه. وأما ما أخرجه أحمد والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم من حديث بريدة رفعه " إن أحساب أهل الدنيا الذي يذهبون إليه المال " فيحتمل أن يكون المراد أنه حسب من لا حسب له، فيقوم النسب الشريف لصاحبه مقام المال لمن لا نسب له، ومنه حديث سمرة رفعه " الحسب المال، والكرم التقوى " أخرجه أحمد والترمذي وصححه هو والحاكم، وبهذا الحديث تمسك من اعتبر الكفاءة بالمال وسيأتي في الباب الذي بعده، أو أن من شأن أهل الدنيا رفعة من كان كثير المال ولو كان وضيعا، وضعة من كان مقلا ولو كان رفيع النسب كما هو موجود مشاهد، فعلى الاحتمال الأول يمكن أن يؤخذ من الحديث اعتبار الكفاءة بالمال كما سيأتي البحث فيه، لا على الثاني لكونه سيق في الإنكار على من يفعل ذلك. وقد أخرج مسلم الحديث من طريق عطاء عن جابر وليس فيه ذكر الحسب اقتصر على الدين والمال والجمال. قوله (وجمالها) يؤخذ منه استحباب تزوج الجميلة إلا إن تعارض الجميلة الغير دينة والغير جميلة الدينة، نعم لو تساوتا في الدين فالجميلة أولى، ويلتحق بالحسنة الذات الحسنة الصفات، ومن ذلك أن تكون خفيفة الصداق. قوله (فاظفر بذات الدين) في حديث جابر " فعليك بذات الدين " والمعنى أن اللائق بذي الدين والمروءة أن يكون الدين مطمح نظره في كل شيء لا سيما فيما تطول صحبته فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بتحصيل صاحبة الدين الذي هو غاية البغية. وقد وقع في حديث عبد الله بن عمرو عند ابن ماجه رفعه لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن - أي يهلكهن - ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمة سوداء ذات دين أفضل". قوله (تربت يداك) أي لصقتا بالتراب وهي كناية عن الفقر وهو خبر بمعنى الدعاء، لكن لا يراد به حقيقته، وبهذا جزم صاحب " العمدة"، زاد غيره أن صدور ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم في حق مسلم لا يستجاب لشرطه ذلك على ربه، وحكى ابن العربي أن معناه استغنت، ورد بأن المعروف أترب إذا استغنى وترب إذا افتقر، ووجه بأن الغنى الناشئ عن المال تراب لأن جميع ما في الدنيا تراب ولا يخفى بعده، وقيل معناه ضعف عقلك، وقيل افتقرت من العلم، وقيل فيه تقدير شرط أي وقع لك ذلك إن لم تفعل ورجحه ابن العربي، وقيل معنى افتقرت حابت، وصحفه بعضهم فقاله بالثاء المثلثة ووجهه بأن معنى تربت تفرقت وهو مثل حديث " نهى عن الصلاة إذا صارت الشمس كالأثارب " وهو جمع ثروب وأثرب مثل فلوس وأفلس وهي جمع ثرب بفتح أوله وسكون الراء وهو الشحم الرقيق المتفرق الذي يغشى الكرش، وسيأتي مزيد لذلك في كتاب الأدب. قال القرطبي: معنى الحديث أن هذه الخصال الأربع هي التي يرغب في نكاح المرأة لأجلها، فهو خبر عما في الوجود من ذلك لا أنه وقع الأمر بذلك بل ظاهره إباحة النكاح لقصد كل من ذلك لكن قصد الدين أولى، قال ولا يظن من هذا الحديث أن هذه الأربع تؤخذ منها الكفاءة أي تنحصر فيها، فإن ذلك لم يقل به أحد فيما علمت وإن كانوا اختلفوا في الكفاءة ما هي. وقال المهلب: في هذا الحديث دليل على أن للزوج الاستمتاع بمال الزوجة، فإن طابت نفسها بذلك حل له وإلا فله من ذلك قدر ما بذل لها من الصداق. وتعقب بأن هذا التفصيل ليس في الحديث. ولم ينحصر قصد نكاح المرأة لأجل مالها في استمتاع الزوج، بل قد يقصد تزويج ذات الغنى لما عساه يحصل له منها من ولد فيعود إليه ذلك المال بطريق الإرث إن وقع، أو لكونها تستغني بمالها عن كثرة مطالبته بما يحتاج إليه نساء ونحو ذلك. وأعجب منه استدلال بعض المالكية به على أن للرجل أن يحجر على امرأته في مالها، قال: لأنه إنما تزوج لأجل المال فليس لها تفويته عليه، ولا يخفى وجه الرد عليه والله أعلم الحديث: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا قَالُوا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ قَالَ ثُمَّ سَكَتَ فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا قَالُوا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّعَ وَإِنْ قَالَ أَنْ لَا يُسْتَمَعَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِثْلَ هَذَا الشرح: حديث سهل وهو ابن سعد. قوله (ابن أبي حازم) هو عبد العزيز. قوله (مر رجل) لم أقف على اسمه قوله (حري) بفتح المهملة وكسر الراء وتشديد التحتانية أي حقيق وجدير. قوله (يشفع) بضم أوله وتشديد الفاء المفتوحة أي تقبل شفاعته. قوله (فمر رجل من فقراء المسلمين) لم أقف على اسمه، وفي " مسند الروياني " و " فتوح مصر لابن عبد الحكم " و " مسند الصحابة الذين دخلوا مصر " من طريق أبي سالم الجيشاني عن أبي ذر أنه جعيل بن سراقة. قوله (فمر رجل) في رواية الرقاق قال " فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ثم مر رجل". قوله (فقال) وقع في طريق أخرى تأتي في الرقاق بلفظ " فقال لرجل عنده جالس: ما رأيك في هذا " وكأنه جمع هنا باعتبار أن الجالسين عنده كانوا جماعة لكن المجيب واحد، وقد سمى من المجيبين أبو ذر فيما أخرجه ابن حبان من طريق عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عنه. قوله (أن لا يسمع) زاد في رواية الرقاق " أن لا يسمع لقوله". قوله (هذا) أي الفقير (خير من ملء الأرض مثل هذا) أي الغنى، وملء بالهمز ويجوز في مثل النصب والجر. قال الكرماني: إن كان الأول كافرا فوجهه ظاهر، وإلا فيكون ذلك معلوما لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحي قلت: يعرف المراد من الطريق الأخرى التي ستأتي في كتاب الرقاق بلفظ " قال رجل من أشراف الناس: هذا والله حرى إلخ " فحاصل الجواب أنه أطلق تفضيل الفقير المذكور على الغني المذكور، ولا يلزم من ذلك تفضيل كل غني على كل فقير، وقد ترجم عليه المصنف في كتاب الرقاق " فضل الفقر " ويأتي البحث في هذه المسألة هناك إن شاء الله تعالى *3* الشرح: قوله (باب الأكفاء في المال، وتزوج المقل المثرية) أما اعتبار الكفاءة بالمال فمختلف فيه عند من يشترط الكفاءة، والأشهر عند الشافعية أنه لا يعتبر، ونقل صاحب " الإفصاح " عن الشافعي أنه قال: الكفاءة في الدين والمال والنسب. وجزم باعتباره أبو الطيب والصيمري وجماعة. واعتبره الماوردي في أهل الأمصار، وخص الخلاف بأهل البوادي والقرى المتفاخرين بالنسب دون المال. وأما المثرية فبضم الميم وسكون المثلثة وكسر الراء وفتح التحتانية هي التي لها ثراء بفتح أوله والمد وهو الغني، ويؤخذ ذلك من حديث عائشة الذي في الباب من عموم التقسيم فيه لاشتماله على المثري والمقل من الرجال والمثرية والمقلة من النساء فدل على جواز ذلك، ولكنه لا يرد على من يشترطه لاحتمال إضمار رضا المرأة ورضا الأولياء، وقد تقدم شرح الحديث في تفسير سورة النساء، ومضى من وجه آخر في أوائل النكاح، واستدل به على أن للولي أن يزوج محجورته من نفسه، وسيأتي البحث فيه قريبا. وفيه أن للولي حقا في التزويج لأن الله خاطب الأولياء بذلك، والله أعلم *3* وَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ الشرح: قوله (باب ما يتقى من شؤم المرأة) الشؤم بضم المعجمة بعدها واو ساكنة وقد تهمز وهو ضد اليمن، يقال تشاءمت بكذا وتيمنت بكذا. قوله (وقوله تعالى: إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم) كأنه يشير إلى اختصاص الشؤم ببعض النساء دون بعض مما دلت عليه الآية من التبعيض، وذكر في الباب حديث ابن عمر من وجهين وحديث سهل من وجه آخر وقد تقدم شرحهما مبسوطا في كتاب الجهاد. وقد جاء في بعض الأحاديث ما لعله يفسر ذلك وهو ما أخرجه أحمد وصححه ابن حبان والحاكم من حديث سعد مرفوعا " من سعادة ابن آدم ثلاثة: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح. ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء " وفي رواية لابن حبان " المركب الهني، والمسكن الواسع " وفي رواية للحاكم " وثلاثة من الشقاء: المرأة تراها فتسوؤك وتحمل لسانها عليك، والدابة تكون قطوفا فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحق أصحابك، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق". وللطبراني من حديث أسماء " إن من شقاء المرء في الدنيا سوء الدار والمرأة والدابة " وفيه سوء الدار ضيق مساحتها وخبث جيرانها وسوء الدابة منعها ظهرها وسوء طبعها، وسوء المرأة عقم رحمها وسوء خلقها. الحديث: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَمْزَةَ وَسَالِمٍ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشُّؤْمُ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالْفَرَسِ الشرح: قوله (باب ما يتقى من شؤم المرأة) الشؤم بضم المعجمة بعدها واو ساكنة وقد تهمز وهو ضد اليمن، يقال تشاءمت بكذا وتيمنت بكذا. قوله (وقوله تعالى: إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم) كأنه يشير إلى اختصاص الشؤم ببعض النساء دون بعض مما دلت عليه الآية من التبعيض، وذكر في الباب حديث ابن عمر من وجهين وحديث سهل من وجه آخر وقد تقدم شرحهما مبسوطا في كتاب الجهاد. وقد جاء في بعض الأحاديث ما لعله يفسر ذلك وهو ما أخرجه أحمد وصححه ابن حبان والحاكم من حديث سعد مرفوعا " من سعادة ابن آدم ثلاثة: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح. ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء " وفي رواية لابن حبان " المركب الهني، والمسكن الواسع " وفي رواية للحاكم " وثلاثة من الشقاء: المرأة تراها فتسوؤك وتحمل لسانها عليك، والدابة تكون قطوفا فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحق أصحابك، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق". وللطبراني من حديث أسماء " إن من شقاء المرء في الدنيا سوء الدار والمرأة والدابة " وفيه سوء الدار ضيق مساحتها وخبث جيرانها وسوء الدابة منعها ظهرها وسوء طبعها، وسوء المرأة عقم رحمها وسوء خلقها. الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلَانِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ذَكَرُوا الشُّؤْمَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ الشرح: قوله (باب ما يتقى من شؤم المرأة) الشؤم بضم المعجمة بعدها واو ساكنة وقد تهمز وهو ضد اليمن، يقال تشاءمت بكذا وتيمنت بكذا. قوله (وقوله تعالى: إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم) كأنه يشير إلى اختصاص الشؤم ببعض النساء دون بعض مما دلت عليه الآية من التبعيض، وذكر في الباب حديث ابن عمر من وجهين وحديث سهل من وجه آخر وقد تقدم شرحهما مبسوطا في كتاب الجهاد. وقد جاء في بعض الأحاديث ما لعله يفسر ذلك وهو ما أخرجه أحمد وصححه ابن حبان والحاكم من حديث سعد مرفوعا " من سعادة ابن آدم ثلاثة: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح. ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء " وفي رواية لابن حبان " المركب الهني، والمسكن الواسع " وفي رواية للحاكم " وثلاثة من الشقاء: المرأة تراها فتسوؤك وتحمل لسانها عليك، والدابة تكون قطوفا فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحق أصحابك، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق". وللطبراني من حديث أسماء " إن من شقاء المرء في الدنيا سوء الدار والمرأة والدابة " وفيه سوء الدار ضيق مساحتها وخبث جيرانها وسوء الدابة منعها ظهرها وسوء طبعها، وسوء المرأة عقم رحمها وسوء خلقها. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ فَفِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمَسْكَنِ الشرح: قوله (باب ما يتقى من شؤم المرأة) الشؤم بضم المعجمة بعدها واو ساكنة وقد تهمز وهو ضد اليمن، يقال تشاءمت بكذا وتيمنت بكذا. قوله (وقوله تعالى: إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم) كأنه يشير إلى اختصاص الشؤم ببعض النساء دون بعض مما دلت عليه الآية من التبعيض، وذكر في الباب حديث ابن عمر من وجهين وحديث سهل من وجه آخر وقد تقدم شرحهما مبسوطا في كتاب الجهاد. وقد جاء في بعض الأحاديث ما لعله يفسر ذلك وهو ما أخرجه أحمد وصححه ابن حبان والحاكم من حديث سعد مرفوعا " من سعادة ابن آدم ثلاثة: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح. ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء " وفي رواية لابن حبان " المركب الهني، والمسكن الواسع " وفي رواية للحاكم " وثلاثة من الشقاء: المرأة تراها فتسوؤك وتحمل لسانها عليك، والدابة تكون قطوفا فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحق أصحابك، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق". وللطبراني من حديث أسماء " إن من شقاء المرء في الدنيا سوء الدار والمرأة والدابة " وفيه سوء الدار ضيق مساحتها وخبث جيرانها وسوء الدابة منعها ظهرها وسوء طبعها، وسوء المرأة عقم رحمها وسوء خلقها. الحديث: حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ الشرح: قوله (عن أسامة بن زيد) زاد مسلم من طريق معتمر بن سليمان عن أبيه مع أسامة سعيد بن زيد، وقد قال الترمذي لا نعلم أحدا قال فيه " عن سعيد بن زيد " غير معتمر بن سليمان. قوله (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) قال الشيخ تقي الدين السبكي: في إيراد البخاري هذا الحديث عقب حديثي ابن عمر وسهل بعد ذكر الآية في الترجمة إشارة إلى تخصيص الشؤم بمن تحصل منها العداوة والفتنة، لا كما يفهمه بعض الناس من التشاؤم بكعبها أو أن لها تأثيرا في ذلك، وهو شيء لا يقول به أحد من العلماء، ومن قال إنها سبب في ذلك فهو جاهل، وقد أطلق الشارع على من ينسب المطر إلى النوء الكفر فكيف بمن ينسب ما يقع من الشر إلى المرأة مما ليس لها فيه مدخل، وإنما يتفق موافقة قضاء وقدر فتنفر النفس من ذلك، فمن وقع له ذلك فلا يضره أن يتركها من غير أن يعتقد نسبة الفعل إليها. قلت: وقد تقدم تقرير ذلك في كتاب الجهاد، وفي الحديث أن الفتنة بالنساء أشد من الفتنة بغيرهن، ويشهد له قوله تعالى
|